لا أحد ينكر الدور الذي يلعبه اللعب في تنمية مهارات التفكير والابداع لدى المتعلمين وإثارة الاهتمام لديهم باعتباره شرط من شروط تحقق التعلم، خاصة عند تقديم درس من دروس الرياضيات التي طالما تتصف مفاهيمها بالتجريد والبعد عن الواقع.
لذا اخترنا لك اليوم تدخلا حول موضوع أثر بيداغوجيا اللعب في زيادة الدافعية للتعلم وتنمية مهارات التفكري الابتكاري لدى تلاميذ السنة الأولى ابتدائي في مادة الرياضيات وهو عبارة عن دراسة قام بها أحد الطلاب بدولة الجزائر (أحمد سعودي ) من خلال أطروحته المقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في علوم التربية تخصص تكنولوجيا التربية والتعليم بجامعة ( باتنة 10) كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا.
إلكم ملخص الدراسة مأخوذة من موقع
http://dspace.univ-batna.dz/xmlui/handle/123456789/2694
«هدفت الدراسة إلى الكشف عن حجم أثر برنامج يستند إلى بيداغوجيا اللعب في زيادة الدافعية لتعلم الرياضيات، و تنمية التفكير الابتكاري و مهاراته، كما بحثت فيما إذا كان هناك ارتباط بين زيادة الدافعية ونمو الابتكار، ولهذا الغرض تم استخدام المنهج التجريبي، حيث طبقت الدراسة على عينة قوامها 18 متعلما و متعلمة من المستوى الأول الابتدائي (...) و بعد تحليل البيانات المتحصل عليها و تفسيرها توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج، أهمها: وجود فروق بين متوسطات درجات التطبيقين القبلي و البعدي في الدرجة الكلية للتفكير الابتكاري و مهاراته، الشيء الذي يؤكد فاعلية البرنامج المستند إلى بيداغوجيا اللعب في زيادة الدافعية لتعلم الرياضيات و تنمية مهارات التفكير الابتكاري. في حين لم تكشف عن وجود فروق بين الذكور و الإناث في كل من الدافعية و الابتكار، كما بينت ضعف العلاقة بين زيادة الدافعية و نمو الابتكار، و بناء على هذه النتائج أوصت الدراسة بضرورة الاهتمام ببيداغوجيا اللعب و إدماجها ضمن المساعي و الاستراتيجيات التعليمية لتعلم الرياضيات، بل و توسيعها إلى مختلف الأنشطة و المستويات، مع التأكيد على ضرورة إستثارة دوافع المتعلمين، و الاهتمام بتنمية الابتكار و المبتكرين، و اقترحت كذلك إجراء دراسات شبيهة بالدراسة الحالية في أنشطة أخرى، مع إدراج متغيرات غير التفكير الابتكاري، و دراسات مقارنة بين التعلم ببيداغوجيا اللعب و أساليب تعلم أخرى، و كذا توظيفها في علاج مشكلات بعض الفئات الخاصة كالموهوبين، و المتأخرين دراسيا، و بطيئي التعلم.»
مقدمة الدراسة كما جاءت في الأطروحة
يشهد العالم المعاصر تطورات علمية وتكنولوجية واسعة، وقد انعكس ذلك على المناهج الدراسية وطرائق التدريس، ومواكبة لهذه التطورات وفي ظل هذه التغيرات المجتمعية المتلاحقة ومتطلباتها، فقد شهد ميدان التربية مخاضا تطويريا بغرض الانتقال بالعملية التربوية والتعليمية من جمود المادة من حيث المحتوى واقتصار طرائق التدريس على التلقين والتلقي، واستهداف الذاكرة دون غيرها في عملية التقويم، إلى مجال أوسع من حيث المحتوى، وتنويع طرائق التنشيط وشمولية مختلف جوانب السلوك لدى المتعلم أثناء تقويمه.
ولعل التحدي الذي يواجهه الأساتذة اليوم هو كيفية إثارة دوافع المتعلمين، ذلك أنها شرط من شروط التعلم، والذي هو تغيير في السلوك نتيجة استثارة، ولا يتم هذا التغيير بدون قدر من الدافعية لدى المتعلم؛ وبخاصة في نشاط الرياضيات الذي يتسم في نظر الكثيرين بالتجريد وبصعوبة المفاهيم.
يشير التراث النظري إلى أن الدافعية محرك داخلي يعمل على توجيه السلوك نحو غاية محددة، والمحافظة على استمراريته حتى تتحقق تلك الغاية، وإن النظريات المعرفية، ونظرية التعلم الاجتماعي – التي افترضت أنه حتى يحدث التعلم يجب توفر رغبة طبيعية لدى المتعلم - من بين النظريات التي أعطت الدافعية اهتماما كبيرا، لذا نجد الأساتذة و المعلمين يبحثون عن أنسب المساعي والاستراتيجيات لاستثارة دوافع المتعلمين وتوجيهها، وتوليد اهتمامات معينة لديهم ليقبلوا على التعلم، ويمارسوا أنشطة متنوعة معرفية وجدانية، وحس حركية)، إذ تعتبر وسيلة لتحقيق الأهداف التعليمية، وعاملا نفسيا مهما يحد من تشتت انتباه المتعلم، ويعمل على دمجه في المهام التعليمية، لذا ينظر إليها خبراء التربية وعلم النفس على أنها هدف تربوي تسعى إليه جميع الأنظمة التربوية.
كما تعتبر تنمية التفكير الابتكاري من أهم أهداف التعليم حاليا، وذلك لحاجة المجتمع إلى أفراد لديهم قدرات عقلية عليا، ويتميزون بكونهم مفكرين يتسمون بالوضوح والفاعلية، على اعتبار أن التفكير الابتكاري نشاط عقلي مركب وهادف لتوجيه رغبة قوية في البحث عن حلول، أو التوصل إلى نتائج توصف بالجدة والأصالة، وهنا يبرز دور الرياضيات في تنمية هذا النوع من التفكير؛ ذلك أنها وسيلة هامة من وسائل تنميته، حيث أنها تبحث بحثا متصلا لا يتطرق إليه الملل عن الحقائق والمبادئ، وتحليل المسائل وتكوين علاقات بين عناصرها، وتتخلص من العناصر غير الصالحة، وذلك كله للوصول إلى الاقتصاد في التفكير والدقة في التعبير.
وفي هذا الإطار يأتي الاهتمام المتزايد بطرق تدريس الرياضيات وتحديثها وتطويرها بحيث تتواءم مع متطلبات المعايير ثقافة التفكير وتنمية الإبداع، ومن حيث توافقها مع نظريات التعلم المعاصرة المعرفية والبنائية، ومن ومع حيث تطوير استراتيجياتها مع متطلبات التعلم الذاتي والتعليم الفوجي والتعاوني والجمعي، وتبادلية التفاعل بين المعلم والمتعلم، وبين المتعلمين أو من حيث استثمار الوسائل التعليمية والتكنولوجيات الحديثة.
وبناء على هذا جاءت الدراسة الحالية محاولة إثراء طرق تدريس الرياضيات وتنويعها، من خلال توظيف بيداغوجيا اللعب في إكساب المتعلمين المفاهيم الرياضية التي ينظر إليها المشرفون والمتعلمون على أنها تتسم بالتجريد والصعوبة.
هذا، وقد جاءت الدراسة في خمسة فصول تسبقها مقدمة وتتلوها خاتمة.
تناول الفصل الأول إطار الدراسة العام من حيث إشكالاتها وتساؤلاتها، وإجاباتها المؤقتة، مع تحديد أهميتها وأهدافها، كما تم عرض كم من الدراسات السابقة التي تناولت بيداغوجيا اللعب متغيرا مستقلا، وبيان أثره أو علاقته بجملة من المتغيرات الأخرى، ليخلص إلى تحديد أهم المفاهيم الإجرائية الواردة فيها.
بينما تطرق الفصل الثاني إلى بيداغوجيا اللعب؛ متناولا ابتداء مفهوم اللعب، وأهميته في حياة الأطفال بصورة عامة، وفي العملية التعليمية بصورة خاصة، إضافة إلى أهم النظريات المفسرة له، ليتناول بعد ذلك مفاهيم بيداغوجيا اللعب والألعاب التعليمية من حيث الأهمية والأهداف والأنواع، مع التأكيد على ضرورة توظيفها في العملية التربوية، وفي نشاط الرياضيات خصوصا، مبرزا مجموعة من الشروط والضوابط، ومحددا أدوار الأساتذة والمعلمين في ذلك.
هذا، وقد تعرض الطالب في الفصل الثالث إلى متغيري الدافعية والابتكار؛ فتناول مفهوم الدافعية، وأهم النظريات المفسرة لها، وكذا أهميتها ووظائفها، ودور بيداغوجيا اللعب في تنميتها، وفيما يتعلق بالابتكار وإلى جانب المفاهيم والنظريات تم التركيز على استراتيجيات تنمية الابتكار وفعالية بيداغوجيا اللعب في ذلك، سواء، أكان لعبا عاديا أم محوسبا ليختتم الفصل ببيان علاقة الابتكار بنشاط الرياضيات.
أما الجانب الميداني فقد جاء في فصلين؛ تضمن الأول منهما إجراءات الدراسة الميدانية، بدءا بتحديد مجتمع الدراسة، فحيثيات الدراسة الاستطلاعية، التي ابتدأها الطالب ببيان أهدافها، وخطوات بناء أدواتها، ومراحل بناء البرنامج المستند إلى بيداغوجيا اللعب، انطلاقا من تحليل واقع تدريس نشاط الرياضيات، إلى تطبيق البرنامج فتقويمه، إضافة إلى الدراسة الأساسية والمنهج المعتمد ، وعينتها، فمتغيراتها والأساليب الإحصائية المستخدمة في تحليل النتائج، في حين تم عرض النتائج وتحليلها وتفسيرها في ضوء التراث النظري والفرضيات في الفصل الخامس.
وقد اعتمد في إنجاز الدراسة المنهج التجريبي بتصميم المجموعة الواحدة تجريبية وضابطة في آن واحد)، وتمت الاستعانة بكم لا بأس به من المراجع العربية، وبعض الدراسات السابقة الأجنبية، وعلى الرغم من كثرتها إلا أن عائق الترجمة حال دون استعمالها - خاصة فيما تعلق بالألعاب - إضافة إلى عديد المعاجم والقواميس، كما كان للمجلات العلمية حضور لافت في هذا البحث.
وفي ضوء ما تم التوصل إليه من نتائج والتي قد تكون على قدر من الأهمية بالنسبة للجهات الوصية على شؤون التربية، والمشرفين على التكوين في مختلف المراكز؛ يوصي الطالب بضرورة تنويع طرائق التدريس والاهتمام ببيداغوجيا اللعب، وخاصة في نشاط الرياضيات، كما اقترح مجموعة من الدراسات في هذا الميدان.
وتعد هذه الدراسة جهدا بشريا لا يخلو من النقص، ويحتاج إلى الدعم والتأكيد من خلال مناقشته وإثرائه، وتصويب ما ورد فيه من أخطاء.
تحميل الدراسة
يمكن معاينة مجموعة من الألعاب في الرياضيات التي تساعد المتعلم على تنمية تركيزه وتفكيره،،، من خلال النقر هنا
المرجو عدم نشر تعليقات غير مناسبة للمحتوى